recent
آخر الأخبار

المحاضرة الخامسة في مادة القواعد الفقهية د.رخيص


   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :

الفروق بين القواعد الفقهية وغيرها من المسائل:

أولا: الفرق بين القاعدة الفقهية والضابط الفقهي:
1- مجال إعمال الضابط الفقهي يكون أضيق من مجال إعمال القاعدة الفقهية (القاعدة الفقهية تكون عامة... )
أمثلة لتاج الدين السبكي (ت: ٧٧١ هـ) -رحمه الله-:
قال : ومنها ما لا يختص بباب كقولنا "اليقين لا يزول بالشك" ومنها ما يختص بباب كقولنا "كل كفارة سببها معصية فهي على الفور"، والغالب فيها اختص بباب وقصد بها نظم صور متشابهة أن يسمى ضابطا.
وفي حاشية البنَّاني على "جمع الجوامع" : "والقاعدة لا تختص بباب بخلاف الضابط" اهـ

2- القاعدة الفقهية هي محل اتفاق بين العلماء  كالقواعد الخمس الكبرى (متفق عليها بين كل المذاهب المعتبرة) بخلاف الضابط أو الضوابط فهي محل اختلاف؛ بل حتى بين أئمة المذهب الواحد (الخلاف العالي والخلاف النازل) ... ومن الخلاف النازل مانجده عند أبي حنيفة وصاحباه لهم ضوابط يختلفون فيها وكذلك بين الإمام مالك وأتباعه -رحم الله الجميع-.
بعض الأمثلة والنماذج للضوابط الفقهية:
من نصوص الحديث:
1-  ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حكيم بن حزام عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا " ؛ فهذا ضابط يضبط بابا واحدا وهو باب البيع.
الموضوع: البيعان
الحكم: لهما الخيار.
الشرط: ما لم يتفرقا (حكم وضعي)؛ والتفرق يكون بالأبدان ويكون بالأقوال.
2-  ما روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما إيهاب دُبغ فقد طهر. والمقصود بالإيهاب: الجلد المدبوغ.
3- ومن ضوابط الفقهاء: "ما صح بيعه صح رهنه".
4- وقالوا أيضا: الماء طهور مالم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه..."
5- وقولهم: "الأصل أن الطلاق الصريح يتعلق الحكم بلفظه لا بمعناه".
الموضوع: الطلاق.
الحكم: يتعلق بلفظه لا بمعناه.

بعض المؤلفات المؤلفة في الضوابط:
-
الفوائد الزينية في فقه الحنفية لإبراهيم بن نجيم الحنفي.
-
الكليات في الفقه لمحمد بن ابراهيم الشهير بالمكناسي المالكي (ت: ٩١٧هـ).
-
الكليات لأبي عبد الله محمد المقري صاحب القواعد .
-
الاستغناء في الفروق والاستثناء لمحمد بن أبي بكر البكري.

ثانيا: الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية:

أولا : من حيث الحقيقة:
- حقيقة القاعدة الفقهية هي بيان لحكم شرعي كلي، تتفرع عنه الكثير من الاحكام الجزئية التي ترتبط بها ويتحقق مناطه بها، وموضوعها هو أعمال المكلفين.

- أما القاعدة الأصولية فهي قواعد تفسيرية للنصوص (...) / القواعد الاستنباطية مثل "النهي التحريم" و "الأمر للوجوب"وحقيقتها هي أنها قواعد استدلالية كلية يتوصل من خلالها إلى الكشف عن الأحكام الشرعية، كُلِّيها وجزئيها من الأدلة التفصيلية.
أمثلة للقاعدة الأصولية: "الأمر المطلق يفيد الوجوب"، "العام حجة بعد تخصيصه"، "الإجماع حجة قطعية"، "القياس حجة ظنية"
قال الإمام القرافي -رحمه الله-: "إِنَّ الشَّرِيعَةَ الْمُعَظَّمَةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ زَادَ اللَّهُ تَعَالَى مَنَارَهَا شَرَفًا وَعُلُوًّا اشْتَمَلَتْ عَلَى أُصُولٍ وَفُرُوعٍ، وَأُصُولُهَا قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا الْمُسَمَّى بِأُصُولِ الْفِقْهِ وَهُوَ فِي غَالِبِ أَمْرِهِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوَاعِدُ الْأَحْكَامِ النَّاشِئَةُ عَنْ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ خَاصَّةً وَمَا يَعْرِضُ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ مِنْ النَّسْخِ وَالتَّرْجِيحِ وَنَحْوَ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ وَالنَّهْيِ لِلتَّحْرِيمِ وَالصِّيغَةِ الْخَاصَّةِ لِلْعُمُومِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَمَا خَرَجَ عَنْ هَذَا النَّمَطِ إلَّا كَوْنَ الْقِيَاسِ حُجَّةً وَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي قَوَاعِدُ كُلِّيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ جَلِيلَةٌ كَثِيرَةُ الْعَدَدِ عَظِيمَةُ الْمَدَدِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَسْرَارِ الشَّرْعِ وَحِكَمِهِ، لِكُلِّ قَاعِدَةٍ مِنْ الْفُرُوعِ فِي الشَّرِيعَةِ مَا لَا يُحْصَى وَلَمْ يُذْكَرْ مِنْهَا شَيْءٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِوَإِنْ اتَّفَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ هُنَالِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فَبَقِيَ تَفْصِيلُهُ لَمْ يَتَحَصَّلْ". الفروق (١/٦٢.(

ثانيا: الاختلاف من حيث المصدر:
من مصادر القواعد الأصولية : علم الكلام،، علم اللغة، علم الأحكام (الأحاديث والآيات(.
قال الآمدي: "أما ما منه استمداده: فعلم الكلام، والعربية والأحكام الشرعية".
أما القواعد الفقهية فمصادرها متنوعة فهي إما نص شرعي من الكتاب كقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" فهي مأخوذة من قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ ، أو من السنة كقاعدة: "الأمور بمقاصدها" فإنها أخذت من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات".
أو من الاجتهاد : "لا اجتهاد مع النص" وقاعدة "لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد"، ومن القياس: "ضمان فساد العقد كضمان صحيحه" وقاعدة "الدوام كالابتداء" وقاعدة "الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان"

ثالثا: الاختلاف من حيث ترتيبها الزمني:
القواعد الأصولية متقدمة على القواعد الفقهية إذ أن ارتباط القاعدة الأصولية بالقاعدة الفقهية هي ارتباط الدليل بالمدلول ، والدليل سابق لمدلوله ومتقدم عليه.

رابعا: من حيث توقف الحكم الشرعي عليها:
تتوقف معرفة الحكم الشرعي للمسائل الجزئية على معرفة القاعدة الأصولية .
ولا تتوقف معرفة الحكم على معرفة القواعد الفقهية.

خامسا: من حيث الاضطراد والعموم:
القاعدة الأصولية هي أكثر اضطرادا وليس فيها استثناءً عند الجمهور وفيها بعض الاستثناءات عند الحنفية.
قال الحموي -رحمه الله- : "القاعدة هي عند الفقهاء هي غيرها عند النحاة والأصوليين، إذ هي عند الفقهاء حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعارف أحكامها" اهـ.

أهم الكتب التي تناولت الاستثناءات:
1- كتاب الاستغناء في الاستثناء لبدر الدين محمد البكري توفي أوائل القرن التاسع الهجري.
2-  إتحاف النبهاء بضوابط الفقهاء للوليد بن راشد السعيدان
.

سادسا : من حيث الحجية (القوة في الإستدلال)

القاعدة الأصولية لها قوة في الاحتجاج والاستدلال فهي قواعد إلزامية استدلالية، بينما القاعدة الفقهية أقل حجية واستدلالا منها.
القاعدة الفقهية لا تنهض دليلا فقهيا وحدها لتكشف عن الحكم ما لم يكن معها دليل وإنما يستأنس بها وإن كانت كلية.

المحاضرة الخامسة  على هذا الرابط :


المحاضرة الخامسة في مادة القواعد الفقهية د.رخيص


إعداد : فريق عمل مدونة كلية الشريعة والقانون

أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .


 تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي 
google-playkhamsatmostaqltradent