recent
آخر الأخبار

المحاضرة الخامسة في مادة القواعد الفقهية د.السافري

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد :

قد سبق لنا أن تكلمنا عن نشأة وتطور القاعدة الفقهية وقد توقف الحديث عند المؤَلف الخاص بالإمام أبي عبد الله المقري التلمساني المالكي في كتابه القواعد وهذا الكتاب كما قُلنا هو كتاب مهم جدا , و يبدوا من خلاله اسمه أنه أول من سمى كتابه بالقواعد في المذهب المالكي لأنه إذا تعلق الأمر بكتاب الخشني وجدناه يُسميه أصول الفتيا وإذا تعلق الأمر بكتاب القرافي وجدناه يُسميه الفروق , واضافة هذه التسمية بهذا الاسم لم تكن معهودة إلا عند هذا وعند بن راشد القفصي في كتابه المُذهب في ضبط قواعد المذهب , و كتاب قواعد الإمام المقري رحمه الله كتاب مطبوع طُبع منه الجزء الاول والثاني وقد حققه الدكتور احمد بن عبد الله بن حميد وتصدى لتحقيق جزئين منه فقط ولم يُتمه , ثم بعد ذلك جاء باحث مغربي قام بتسجيل بقية الأجزاء في دار الحديث الحسنية لكنه لم يُطبع بعد .
ويأتي بعده كتاب مهم جدا وهو كتاب المجموع المُذهب في قواعد المذهب لصلاح الدين العلائي الشافعي 761 هـ  وهو كتاب مطبوع
وفي هذا العصر أيضا صدر كتاب لأبي العباس احمد بن الحسن الحنبلي المعروف بابن قاضي الجبل الدمشقي 771 هـ ويُسمَّى كتابه بقواعد ابن قاضي الجبل الحنبلي , ثم يأتي بعده كتاب الأشباه والنظائر لتاج الدين السبكي الشافعي 771 هـ  , مباشرة في هذا الوقت أيضا صدر كتاب الاشباه والنظائر لجمال الدين الإسنوي المصري الشافعي 772 هـ , وهو كتاب مطبوع , وبعد يأتي كتاب المنثور في القواعد الفقهية للزركشي الشافعي 794 هـ  وهو أيضا كتاب مطبوع.

كما ظهر هذا العصر بالذات  أيضا كتاب القواعد لابن رجب الحنبلي المسمى : تقرير القواعد وتحرير الفوائد لأبي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي 795 هـ , ونجد أيضا كتاب القواعد في الفروع لشرف الدين عيسى بن عثمان الغزي الشافعي 799 هـ  وليس حنبليا كما ذكر ذلك محمد صدقي البورنو في كتابه الوجيز ,وهو كتاب لم يظهر بعد ولا نجدها إلى في كتب الكشافات .

نجد في القرن التاسع الهجري مؤلفات أيضا , و في بدايته يُصادفنا كتاب الأشباه والنظائر لعمر بن علي المعروف  بابن الملقن  
الشافعي ولد سنة 723 هـ وتوفي سنة  804 هـ وهو كتاب مطبوع.

نكتة علمية :
-الإمام ابن الملقن ولد سنة 723 هـ وتوفي سنة  804 هـ
-الإمام البُلقيني ولد سنة 724 هـ وتوفي سنة  805 هـ
-الحافظ العراقي ولد سنة 725 هـ وتوفي سنة  806 هـ
وكلهم توفوا عن عمر ناهز 81 سنة رحمة الله عليهم.

ثم جاء بعد الإمام ابن الملقن صاحب أسنى المقاصد في تحرير القواعد لمحمد بن محمد الزبيري الشافعي 808 هـ وكتابه هذا لم يظهر بعد , بعدها نجد  كتاب القواعد في فروع الشافعية لتقي الدين الحِصني 829 هـ  وتُسمى أيضا بقواعد الحِصني ومنهجه يُشبه  ترتيب الأشباه والنظائر , ونجد كذلك كتاب حواشي القواعد الفقهية للمحب ابن نصر الله الحنبلي 844 هـ وهذه الحواشي قيل بأنها موجودة بل وقيل بأنها اختصار لقواعد الطوفي والعلم عند الله , وكما هو مُلاحظ فالقرن الثامن فيه ضحالة في التأليف إذ أنه ابتدأ منذ أن صدر كتاب المحب بن نصر الله إلى نهاية القرن الثامن حيث نجد كتاب نظم الدخائر في الاشباه والنظائر لعبد الرحمن بن علي الخليلي الشافعي المعروف بشُقَيْر 876 هـ .

ومع نهاية القرن الثامن نجد كتاب المُسنَد المُذْهَب في قواعد المذهب لابن عضوم التونسي المالكي 889 هـ وهو كتاب لازال مخطوطا ذكره حسني عبد الوهاب في كتابه العمر في المصنفات والمؤلفين التونسيين  .

وبهذا ننهي الكلام عن القرن الثامن الهجري الذي لابد أن نقف معه وقفةََ نتأمل فيها وننظر في مناهج هذه المؤلفات , وهذه المؤلفات التي نجدها في القرون المتأخرة إلى القرن التاسع نجدها تكتسي أحد ثلاثة مناهج.

المنهج الأول :
 فهناك من انتهج منهجا فقهيا في الحديث عن القواعد فرتب مادته الفقهية ترتيبا فقهيا أي رتبه على أبواب الأبواب الفقهية ابتداءا بالعبادات والأنكحة ثم المعاملات ثم الوصايا والمواريث وهذا هو المنهج العام الذي تسير فيه المؤلفات  باستثناء النوازل الذي قد يكون لها منهج آخر ولكن فيما يتعلق بموضوع الفقه فهذا هو منهجه العام الذي يسير عليه الفقه في الترتيب الوضعي,  ويدخل في هذا مجموعة من المؤلفات بما في ذلك مؤلف الإمام أبي عبد الله المقري فقد رتبه ترتيبا فقهيا , ومِن مَن غلب عليه هذا المنهج في الترتيب الفقهي أيضا الإمام ابن رجب الحنبلي .

المنهج الثاني :
وهناك منهج ثان يستند إلى ترتيب القواعد بحسب عمومها وخصوصها وهذا ينطبق على كافة مؤلفات الأشباه والنظائر بدءا بصدر الدين ابن الوكيل مرورا بالأشباه والنظائر للسبكي ولابن الملقن انتهاءا بابن نُجيم حتى مؤلفات العلائي والإسنوي , إذن ترتيب القواعد الفقهية من حيث العموم والخصوص القواعد الكبرى ثم الصغرى ثم الصغيرة ثم الأصغر , فهذا هو منهج التعميم والتخصيص في القواعد الفقهية .

المنهج الثالث :
وهو الترتيب المُعجمي ويحمل لواءه أحد شيوخ الشافعية وهو الإمام الزركشي في كتابه المنثور .
إذن هذه عموما ملامح المنهج في هذه الفترة , هذا من ناحية المنهج أما من الضحالة والكثرة نجد المذهب الشافعي ثم المالكي والحنابلي لكن يفوق المذهب المالكي المذهب الحنبلي في شيء وهو أن مؤلفات المالكية موجودة ومحققة بينما لا نجد عند الحنابلة كتاب القواعد للطوفي وكتاب المحب نصر الله إلا مؤلف ابن قاضي الجبل .

فالمقارنة بين ماهو موجود وغير موجود نجد أن المالكية فعلا أكثر تفوقا من الحنابلة لأن المذهب المالكي في القرن العاشر تفرعت عنه كتب كثيرة في مجال القواعد الفقهية بينما المذهب الحنبلي أصابه شيء من الضمورفتوقف عن التأليف, إذن هذه إجمالا بعض الملامح المتعلقة بالقواعد الفقهية في هذه الفترة .

أما في القرن العاشر فنجد في صدارته كتاب القواعد الكلية والضوابط الفقهية لمؤلفه جمال الدين يوسف بن الحسن بن عبد الهادي الدمشقي الحنبلي 909 هـ وهو كتاب مطبوع محقق قام بتحقيقه جاسم ابن سليمان الفُهيد الدوسري.

بعدها نذكر مرحلة جديدة تواجدت فيها ثلاثة مؤلفات عظيمة كل مؤَلف ينتمي إلى مذهب من المذاهب , و أول هذه الكتب كتاب الأشباه والنظائر للإمام السيوطي 911 هـ وثاني هذه الكتب المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب للزقاق 912 هـ وثالثها كتاب الأشباه والنظائر لابن نُجيم  970 هـ , وقد يُضاف إلى هذه الكتب الثلاثة منظومة الفرائد البهية ولكن عموما فإن هذه الكتب الثلاثة هي التي يحتكم إليها من شاء بعد في كل المذاهب الاربعة .

 لو بدأنا بالإمام السيوطي وهو كتاب الأشباه والنظائر وكتابه هذا قفزة نوعية باعتبار أن الإمام السيوطي أتى في هذا الكتاب بما لم تستطعه الأوائل , فكتابه هذا اعتمد عليه ابن نُجيم في تصنيف كتاب الأشباه والنظائر والأهدل في منظومته الفرائد البهية وقد أشار إلى ذلك الأهل بقوله
لَخَّصْتُهَا بِعَوْنِ رَبِّي الْقَادِرِ مِنْ لُجَّةِ الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ

مرورا بالمؤَلف الثاني وهو كتاب المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب لأبي الحسن علي بن قاسم الزقاق الفاسي وهو عبارة عن منظومة كما أنه  أول مؤَلف مغربي نجده ضمن هذه الكتب , وهو كتاب مهم جدا ولا أدَلَّ على ذلك من انشغال العلماء بها , فقد ألف عنها شرحا ابنه أبو العباس أحمد بن علي بن قاسم 935 هـ وهو شرح لم يتناوله العلماء كما تناولوا باقي الشروح الأخرى فلم ينتشر لقصوره لأن الابن لا يمكن أن يتجرأ على والده ولذلك لم يُذاع كباقي الشروح , أما الشرح الثاني لهذه المنظومة وهو شرح المنهج المنتخب أبو العباس أحمد بن علي المنجور 995 هـ وهو مطبوع محقق , كما نجد أن العلامة ميارة الفاسي 1072 هـ له عملان اثنان على المنظومة أولا قام بتكميلها علما أن عدد أبيات المنظومة 443 بيتا فزاد 600 بيت وثانيا أنه شرح جميع الأبيات بشرح له سماه الروض المُبهج بستان فكر المهج على المنهج المنتخب وهو كتاب مطبوع.

وقد اهتم به أحد علماء سوس بهذه المنظومة وهو عبد الواحد بن القاضي محمد بن إبراهيم الأمزوري الهلالي من قبيلة هِلالة 1250 هـ في كتابه المسمى بخواتم الذهب على المنهج المنتخب وهذا الشرح مطبوع أيضا وقد اعتنى به الدكتور أحمد نجيب ، ومن الشروح كذلك كتاب شفاء الغليل على المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب للعلامة محمد بن علي اليعقوبي الهلالي السوسي 1296 هـ  وهو مطبوع أيضا وقد اعتنى به الفقيه الصوفي سيدي الحسن البعقيلي  وممن أعتنى به أيضا الدكتور عبد المنعم حميتي .
إذن هذا إجمالا ما يتعلق  بالمؤلفات التي أُلفت حول المنهج المنتخب وكل ماذكرنا منها إنما هي مؤلفات مالكية .


أما الكتاب الثالث فهو كتاب الأشباه والنظائر لزين الدين ابن نجيم الحنفي 970 هـ  ، وهو اختصار لكتاب الاشباه والنظائر للسيوطي حيث استخرج منه كافة مفردات الفقه وأحكامه كلها وبقيت القواعد مفرغة ثم  قام فخدم المذهب الحنفي  بناءا على قواعد الشافعية ، فالقواعد في أصلها قواعد الشافعية ولكن الفقه فقه الأحناف ، ولذلك قيل أن الاشباه والنظائر لابن نُجيم إنما هو نسخة مصغرة من كتاب الاشباه والنظائر للسيوطي ، وإنما قام ابن نُجيم بهذا العمل لأن المذهب الحنفي استبطء التأليف في القواعد مدة كبيرة جدا تصل إلى ثلاثة قرون تقريبا ولذلك لما جاءت محطة ابن نُجيم أرادت أن تستدرك ماجاء بعدها ، فاختصر فقه الأحناف في قواعد الشافعية .


المحاضرة كاملة على بي دي إف :


المحاضرة الخامسة في مادة القواعد الفقهية د.السافري


إعداد : فريق عمل مدونة كلية الشريعة والقانون

أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .

 تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي 


google-playkhamsatmostaqltradent