recent
آخر الأخبار

المحاضرة الرابعة في مادة الاقتصاد الإسلامي د.أبو شاما


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد :

مبادئ الاقتصاد الاسلامي

1- مبدأ تداول المال وترويج النقود المجمدة
- قال تعالى : كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ
- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ.
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ اَلسَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامرئٍ أنْ يأخُذَ عصا أخِيه بِغيرِ طِيبِ نَفْسٍ منْهُ .

2- مبدأ الحرية الاقتصادية :
 وتشمل حرية التملك والانتاج والاستهلاك والاتجار والمعاملات، فالمسلم حر في تملك وسائل الانتاج وغيرها، وأن يختار النشاط الاقتصادي الذي يريده، وأن يعمل في العمل الذي يراه صالحا له ومنتجا فيه، وله أن ينتج السلع والخدمات، وأن يتاجر فيها، وأن يستهلك ما يشاء منها، وأن يتنافس مع غيره تنافسا شريفا، فالمنافسة هي عمادة الاقتصاد الاسلامي، ولا توصف السوق بالمنافسة الكاملة الا إذا اتصفت
بما يلي:
جزئية العارضين والطالبين : بحيث يكون عددهم كثيرا وحجم كل منهم صغيرا، وتكون قواهم أقرب إلى التكافؤ مع استقلال كل منهم عن الآخر، فلا يستطيع الجزء منهم التأثير على الكميات والأثمان تأثيرا جوهريا، فلو رفع أحدهم ثمنه عن ثمن السوق فقد زبناءه، ولو نقص نقصت ارباحه، أو وقع في خسارة، وربما خرج من السوق.

تماثل وحدات السلعة في نظر الطالبين: فلو اختلفت الوحدات بين المنتجين او كانت الوحدات لا مثيل لها لاتنفي الخيار امام المشتري في الشراء من هذا البائع او ذاك، لأن البائع يصير متحكما ومحتكرا، ولا يعود جزء لا وزن له.

حرية الدخول في النشاط التجاري والخروج منه : بحيث لايصطدم أي منتج بأس تجمع أو تكتل لبعض المنتجين , فهذه الحرية هي التي تسمح بزيادة العرض إذا كثر الطلب وارتفع الثمن , وبنقصان العرض إذا قل الطلب وانخفض الثمن .
حرية تنقل عوامل الإنتاج بين الأنشطة الاقتصادية المختلفة دون قيود أو نفقات لكي تستقر في النشاط المرغوب الذي يُحقق لها أقصى عائد.

شفافية السوق : وهي التي تسمح بانتشار ثمن واحد في سوق السلعة الخاضعة للمنافسة الكاملة، فيكون  العارضون والطالبون على علم كامل بظروف السلعة، فإذا علم المشتري باختلاف الأثمان اشترى السلعة بالثمن الأقل، مما يؤدي إلى إجبار الباعة الآخرين على تخفيض أثمانهم، وإذا علم البائع باختلاف الأثمان التي يبذلها المشترون باع السلعة بالثمن الأعلى، مما يؤدي إلى إجبار المشترين الآخرين على رفع الأثمان التي هم مستعدون لدفعها.

3- مبدأ الإحياء :
إعمار الأرض التي لا ينتفع بها ولا مالك لها، وذلك بحرث او زرع او غرس او سقي أو حظيرة او بناء للانتفاع بها في السكنى أو للزراعة, ومن أحاديث الإحياء :
-عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏ "‏ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ ‏"‏ 
-عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.
والإحياء عند الجمهور يمنح المحيي ملكية كاملة استعمالا بنفسه واستغلالا بغيره كالإيجار، وتصرفا بالبيع والهبة.
وعند المالكية لا يمنح الإحياء إلا ملكية ناقصة الاستعمال، الاستغلال دون التصرف (منعوا الهبة)

4- مبدأ الملكية :
وذلك بإقرار الملكية الخاصة التي دخلت في حوزة الأفراد بالوسائل المشروعة، واعتبار الملكية الجماعية في شخص الدولة او الجماعة القبلية او المحلية.
وفي القرآن الكريم آيات  كثيرة دالة على مشروعية الملكية الخاصة , كما أن أمر المسلمين في القرآن بدفع الزكاة يدل على انهم مالكون , كما دلت آيات الميراث على مشروعية الملكية الخاصة .
وفي السنة النبوية كقوله صلى الله عليه وسلم : إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ وقوله صلى الله عليه وسلم  : كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ عِرْضُهُ وَمَالُهُ وَدَمُهُ , ولاتقتصر الملكية في الاسلام على مُجرد تملك النقود الناشئة من أجرة أو ثمن , بل تمتد إلى مليكة عروض القُنْيَة وعروض التجارة والأصول الثابتة وسائر أموال الإسلام بتملكها ملكا خاصا .

5- مبدأ التعاوض والتبادل في الاكتساب :
فالاستفادة من المال تتم بالعمل وتقديم العوض والمقابل، فلا غبن ولا غش ولا ربا ولا قمار، ولا ارتشاء ولا استغلال الإنسان لأخيه الانسان.

 6- مبدأ اعتماد مصلحة الفرد والجماعة معا :

فلا مصلحة الفرد تطغى على مصلحة الجماعة فيستغلها ولا مصلحة الجماعة تطغى على مصلحة الفرد فتستغله.

7- مبدأ انتهاج  نهج الوسط والاعتدال :
فلا رأسمالية وإسرافها، ولا شيوعية وبؤسها وإقتارها، وقد وصف الله عباده المعتدلين بقوله : وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا

المشكلة الاقتصادية : ( الندرة والحاجات )
تتلخص المشكلة الاقتصادية في مزاحمة الحاجات غير المحدودة للموارد المحدودة، ويرى الاقتصاد الرأسمالي أن على كل مجتمع ان يختار بين جملة من المدخلات والمخرجات الاقتصادية.
المدخلات : هي السلع او الخدمات الصالحة التي تستخدمها الشركات في عملية الإنتاج.
المخرجات : هي مختلف السلع والخدمات الصالحة الناتجة عن عملية الإنتاج, ففي مجال التعليم فإن المدخلات هي الكلية والمكتبة والقاعات والمقررات الدراسية , في حين أن المخرجات هم طلاب باحثون مطلعون على علوم الشريعة.
واعترض بعض الباحثين في الاقتصاد الإسلامي على مسألة ندرة الموارد من منظور الاقتصاد الإسلامي بالنظر في الأدلة الشرعية فيرى أن قوله عز من قائل: وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ، بالإضافة إلى آيات التسخير التي تبين أن الموارد كثيرة ومتنوعة ولا تنتهي مع الكثرة البشرية، ونجد أن كثيرا من علماء المسلمين قرروا محدودية الموارد.

 يقول الإمام الغزالي: المال أعيان وأجسام، إذا وقعت في يدي واحد خلت عنها يد الآخر، والمال لا يحُلُ في يد ما لم يرتحل عن اليد الأخرى، والمال أجسام وأعيان لها نهاية، فلو ملك إنسان جميع ما في الأرض لم يبق بعده مال يتملكه غيره.
 ويقول كذلك في لا محدودية الحاجات: وهكذا أمور الدنيا لا ينفتح منها باب إلا وينفتح بسببه أبواب أُخر، وهكذا تتناهى إلى حد غير محصور، وكأنها هاوية لا نهاية لها.
 وعند الماوردي: ليس للشهوات حد مُتناه، فيصير ذلك ذريعة إلى أنما يطلبه من الزيادة غير متناه.

وقد بحث علماء المسلمين المشكلة الاقتصادية في أبواب المكاسب والنفقة على الأولاد أو الإحسان إلى الفقراء، أو تزاحم النفقات على موارد بیت المال، أو تزاحم الأنصبة الإرثية والديون والوصايا على التركة، لذلك فالرغبات والشهوات الإنسانية غير محدودة في مقابل الموارد المحدودة.

وإلى هذا يشير قوله عز من قائل:{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ  إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ  } إن مفهوم الحاجة الإنسانية في الاقتصاد الإسلامي ينحصر في الطيبات درء للخبائث والمفاسد والمضار، لقول الله تعالى : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ  .
وإذا كان جوهر المشكلة الاقتصادية هو الندرة والكثرة، بمعنى ندرة الموارد وكثرة الحاجات، فإن الحل يتحدد في العمل على دفع الندرة نحو الكثرة، وتدبير ما هو حاصل على ما هو عليه, ليس في حالة الندرة فحسب، بل حتى في حالة الوفرة, باعتبار أن ندرة الموارد وما ينشأ عنها من الاحتياج مشكل، ووفرتها وما ينشأ عنها من المفاسد مشكل أيضا، وهذا الحل يتعلق بتوازنات أربعة, اقتصادية وعملية :

 1- التوازن بين قوة العمل وبرامجه:
بحيث يقع التوازن بين الأجر على العمل وبين مقادير الزمان، سواء مع الدولة أو مسلم أو أجنبي، وكان شريح القاضي يأخذ على القضاء أجرا، ومرتب عمر رضي الله عنه يتراوح ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف درهم شرعي في السنة حسب ما ذكر البلاذري في فتوح البلدان، إلا أن العامل في الاقتصاد الإسلامي يختلف في الاعتبار عن العامل في الاقتصاد العصري، فالعامل في الاقتصاد العصري أجير، يخضع لقانون الأجر من جهة , وقانون العرض والطلب من جهة أخرى ، وفي الاقتصاد الإسلامي للعامل حالات تختلف باختلاف نوعية عمله:
- إذا ارتبط عمله بالزمان کالیوم والشهر فإجارة، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعطي أجره قبل أن يجف عرقه.
 - إذا ارتبط بالإنجاز كالوكالة على البيع فجُعل، وهو نوع من الإجارة, والفرق أنه في الإجارة يستحق أجر ما أنجز وإن لم يُتم، وفي الجعل لا يستحق أي شيء إلا بالتمام والكمال. وإذا أعطي سيولة نقدية ليعمل فيها بجزء من ربحها أو أرضا ليعمل فيها بجزء من إنتاجها فشريك، والفرق بين الأجير والشريك أن حق الأجير ثابت مع الخسارة، والشريك حظه في الربح والإنتاج إذا ظهر.

 2- التوازن بين الإنتاج والاستهلاك :
كي لا يقع الفائض على حساب المنتج أو النقص على حساب المستهلك، ورعاية مصلحة كل منهما من تمام رعاية مصلحة الأمة بأكملها، إذ لا يوجد بين أفرادها إلا منتج ومستهلك.

 3- التوازن بين المداخيل والنفقات:
فالزيادة بدون رصيد تخلق العجز , وعدمها أو النقص مع وجوده يُضر بالمصالح، وخلق توازن بين المداخيل والنفقات يقضي بتبني مسلك عمر رضي الله عنه في إخضاع النفقات للدخل فترتفع وتنخفض بارتفاعه أو انخفاضه، وقد كان من منهج عمر رضي الله عنه أن لا يعطي للموظفين كلما يطلبون, وإنما يعطيهم ما تقدر عليه الدولة مما يطلبون، ويعممه على جميع المستويات, وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الفقر يأتي من سوء التصرف والغني يأتي من حسن التدبير الاقتصادي، وهو ما يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم: وَلَا عالَ مَنِ اقْتَصَدَ ، أي ما افتقر من أحسن التصرف عند الإنفاق.

 4- التوازن بين التصدير والاستيراد إذا لم يكن التصدير أكثر:
فكلما كانت كفة التصدير راجحة وكفة الاستيراد مرجوحة كلما تحسنت الظروف وتحكمت الدولة في اقتصادها، لكن نوع الإنتاج وقيمته العالية في مثل التجهيزات الحديثة يعطي الفرصة للدول المصنعة اليوم خاصة أن إنتاجها يقع تحت الطلب , وإنتاج دول أخرى في مثل الحوامض والمعادن يقع تحت العرض.

 المحاضرة كاملة على بي دي إف :


إعداد : فريق عمل مدونة كلية الشريعة والقانون

أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .

 تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي 




google-playkhamsatmostaqltradent