recent
آخر الأخبار

المحاضرة الثانية في مادة القانون الجنائي د.القاسيمي

 


الحمد لله رب العالمين والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :


مصادر القانون الجنائي :

تنقسم مرجعية القانون الجنائي إلى : المرجعية الدولية و المرجعية الوطنية .

1-المرجعية الدولية أساسها الإتفاقيات و المعاهدات

إذا كان هناك تعارض بين المعاهدة الدولية و الدستور المغربي فتطبق المعاهدة الدولية بنص الدستور و لكن بشروط أولها هل صادق عليها المغرب أم لا ؟ و المصادقة تكون من جلالة الملك، هل تتوافق مع هوية المغاربة أم لا ؟ هل تدخل في نطاق المقتضيات الدستورية أم لا ؟  إذا كان كذلك فيطبق المقتضى الدولي المعاهدة بالأولوية .

تطبيق قانون دولة أجنبية على أرض وطنية :

في الأحوال الشخصية مثلا فالقاضي يطبق قانون الدول الأخرى حسب المتقاضي و جنسيته و لكن هذا لا يمكن في المجال الجنائي لأن مبدأه إقليمي، بمعنى يطبق القانون الجنائي المغربي فوق التراب الوطني بغض النظر عن جنسية من وجد فوق هذه الأرض، و السؤال هنا هل يمكن أن نطبق قانون بلاد اخرى في بلادنا ؟ هنا المسطرة الجنائية المغربية تشير إلى مجموعة من المبادئ منها المعاملة بالمثل، أي إن كانت الدولة المراد تطبيق قانونها في قضية معينة تتعامل مع المغرب بمثل ما طلبته فالمفروض عليه أن يطبق قانون دولة أجنبية فوق ترابه، هذا بناءا على مبدأ المعاملة بالمثل .

2-أما المرجعية الوطنية : مصادر التشريع في المغرب هي كثيرة و لكن في القانون الجنائي هو مصدر واحد و هو المصدر المكتوب أو التشريع الوضعي المكتوب، فلا يعتد إلا بالنص ولا شيء غير النص و النص المتحدث عنه هنا هو مجموعة القانون الجنائية المغربية الصادرة سنة 1962  

التأصيل التاريخي و الفلسفي :

و ينقسم إلى مرحلتين، مرحلة ما قبل العلمية و مرحلة العلمية .

1- مرحلة ما قبل العلمية : سميت هكذا لأنها لم تعرف لا بمدارس ولا بنظريات و هو تطبيق وحشي لنظام التجريم و العقاب وفيها مرحلة ما قبل النشوء و مرحلة النشوء .

مرحلة ما قبل النشوء : يحكمه الإنتقام الفردي، في البداية كان الشخص هو الذي يحمي نفسه بنفسه و يقابل الشر بالشر ثم مع تطور الزمن أصبح الفرد يحتمي إلى عشيرته و قبيلته فأصبح الإنتقام جماعي .

و مع تطور المسألة و مع هذه الآثتر المدمرة تنازلت العشيرة لرئيسها و لسلطانها عن سلطة التجريم و العقاب و من بين إيجابيات هذه المسألة أن العقوبة أصبحت شخصية فقط فأصبحنا نسمع طريد آلهة العدالة أو نسمع عن الخارج عن القانون أو المهدور دمه، و نسمع عن القصاص و الدية قبل ظهور الإسلام و كان القصاص همجي و وحشي فالضعيف يقتص منه و القوي و القوي لا يقتص.

مرحلة النشوء : سميت هكذا لأن الأفراد تنازلو عن حقوقهم في التجريم و العقاب للدولة و سيطرت الدولة عن حق التجريم، وتعرف أيضا بمرحلة الحقوق الرومانية و هي مرحلة طال أمدها كثيرا و لم تنتهي إلا بالثورة الفكرية في القرن 18 ، و هنا نميز بين نوعين :

1-هناك دول لا دينية لم تصلها التشريعات السماوية و كانت فيها العقوبات جد وحشية و مغالاَ فيها ) كالتمزيق، القلي في الزيت.. ( .

2- هناك دول تأثرت بالشرائع السماوية هي تكرت بصمات سيئة إلى اليوم و نعيش نحن المسلمين أثرها السلبي إلى اليوم، لأن كان الملك أو الديكتاتور أو السلطان له سلطتان في يده سلطة دينية و سلطة دنيوية و يستغل هاتين السلطتين للحفاظ على السلطة و يستهين بتشويه الدين و تشويه الرسالة من أجل مصالح ذاتية و عليها أسست العلمانية و غيرها .. هذه الدول تاثرت بالدين و استغلت الدين، و هذه المرحلة فرضت تطور من نوع آخر سننتقل من مرحلة ما قبل العلمية إلى المرحلة العلمية .

2- المرحلة العلمية  )بداية نصف القرن 18 (و سميت بالعلمية لأن ظهرت فيها مدارس و نظريات في التجريم و العقاب و لها أثرها إلى اليوم في القوانين، و من بين أهم المدارس التي ظهرت في هذه الحقبة، هي :

المدرسة التقليدية:   من روادها بيكاريا و ف يوربخ و المبادىء و النظريات التي بنيت عليها هذه المدرسة و هي كانت فعلا بداية رحمة على الإنسان .

أولا مبدأ حرية الإختيار بمعنى أن الإنسان حر في أفعاله و ي جزى بمقدار حريته بمعنى إنعدمت العقوبة الجماعية مبدأ ربط المسؤولية الجنائية بالمسؤولية الأخلاقية بمعني كل ما هو محل انتقاد المجتمع و كل ما ي ستهجن من المجتمع يكون محل التجريم، يعني المعيار هنا ما ينبده المجتمع يعتبر مجرَّم، كل ما ليس أخلاقي فهو جريمة .

مبدأ الشرعية أولا هو مبدأ يحقق الأمن القانوني بمعنى أننا لا نخاف من سلطان ولا من ملك مدام هناك قانون يحكم الملك والمملوك يحكم الرئيس و المرؤوس، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بالنص.

مبدأ النفعية تشرع العقوبة التي فيها نفع للمجتمع، مبدأ قضى على العقوبات لا إنسانية )القلي في الزيت..( .

و هذه المدرسة أغفلت دراسة شخصية المجرم و ركزت فقط على الجريمة مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة نيوكلاسيكية و تسمى أيضا المدرسة التوفيقية ركزت على دراسة شخصية المجرم لكنها أغفلت الجريمة، من روادها "كانط، كيزو، روسي" مبنية أساسا على فلسفة كانط الذي يؤمن بالنفعية في العقوبة، إظافة أنها تركز على عدم التساوي في حرية الإختيار، و ندت بمبدأ ضرورة التناسب بين الجريمة و عقوبتها و أن نضع العقوبة بين حدين حد أدنى و حد أقصى لكي يكيّف القاضي حسب ظروف المتهم لتكون له سلطة تقديرية بين حد ادنى و حد أقصى لتكون العدالة و الليونة في تحديد العقاب، و من بين مبادئه أيضا إصلاح السجون و أن ننظر لسجون كإصلاحيات ليس كمحل للعقاب لكي يخرج السجين نافعا لنفسه ولغيره .. و اتهمت هذه المدرسة أنها تناولت المجرم بسطحية لتأتي المدرسة الوضعية التي تناولت شخصية المجرم بعمق مبدأها تفيىء المجرمين إلى :

·        مجرم بالفطرة : معناه ولد مجرما و يعرف بسماته ) وجهه ، غائر العينين..( و من بين الإنتقادات التي وجهت لهاته المدرسة أن ما تم بناء النظريات الكتيرة عليها كتفيىء المجريمين غير مبني على أساس سليم بدليل أنه يوجد في المجتمع مشوهون و لكن لم يقترفوا إجراما قد يكون غائر العينين بارز الناصية و تلقاه عالما مأدبا و غير ذلك ..

·        مجرم بالعادة : انه عاش في وسط إجتماعي اعتاد على ممارسة الجريمة حتى إكتسبه بالإحتراف .

·        مجرم بالصدفة : يكون له وازع أخلاقي أو ديني ضعيف .

·        مجرم بالعاطفة : يرتكب اجرام مبني على الحقد و الحسد و الحب، يغلب عاطفته على العقل .

·        مجرم مجنون : بمعنى عقله منعدم و يرتكب جرائم غير خاضعة لإختياره .

مبدأ الجبرية هو فاعل جبرا و ليس مختارا و الملاحظ في هذه المدرسة أنها ركزت على المجرم و تم نسيان الجريمة .

مدرسة الدفاع الإجتماعي روادها كرامتيكا، نادت بحماية المجرم من المجتمع لأن إنحرافه له سبب و بالتالي المتهم هم المجتمع، كرامتيكا يقول بأن لا ننادي المجرم بالمجرم، و من روادها ايضا مارك أنسر و ينادي و يشدد على احترام مبدأ الشرعية و يشدد على مبدأ الإرادة الحرة و يقول بالجزاء على حسب الإرادة .

مبادىء التجريم و العقاب في الشريعة الإسلامية :

مبدأ المساواة : حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في مسألة المرأة المخزومية عندما خيف عليها أن تنال العقاب فتوسط لحب الرسول )أسامة(  إلى الرسول صلى الله عليه و سلم .

مبدأ الشرعية : "فما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " فهناك جرائم وضع لها حد و جرائم وضع لها قصاص و جرائم التعازير .

قواعد المسؤولية الجنائية في المسؤولية الشرعية :

تنبني على مبدأ أساس و هو أن تتحقق شروط التكليف المعروفة، حديث "رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يبلغ و عن النائم حتى يستيقظ و عن المجنون حتى يفيق" و بناءا على هذه الشروط يعاقب الإنسان، و مسؤوليته تكون شخصية " لا تزر وازرة وزر آخرى" بمعنى لا يمكن لشخص ان يتحمل عنك المسؤولية .

مبدأ حرية الإختيار : تكون مسؤولية الشخص إذا كانت لديه حرية إدراك و حرية اختيار .

مبدأ ضرورة توفر الركن المادي و الركن المعنوي للجريمة : بمعنى الشخص الذي لم يأتي أحد هذه الأركان يكون مبرأ بمعنى لا على الفعل دون قصد "إنما الأعمال بالنيات ".

ما يميز به الجريمة هي أن تنبني على ركنين مادي و معنوي و المعنوي المقصود به القصد، فإن كنت غير قاصد فمسؤوليتك تكون مخففة إن لم تكن منعدمة حسب الحالات . و أيضا في نصوص الشريعة الإسلامية هناك أسباب التبرير و أسباب الإباحة و أسباب الإعفاء لأن ليس كل فاعل يُّجَرم هناك فاعل مبرأ، بالإكراه مثلا يكون فاعل فعل إجرامي مضطر، و لإضطراره يعطي له الشرع التبرير يبرأه .

تطور القانون الجنائي المغربي :

لابد من التمييز بين ثلاث مراحل لا رابع لها :

مرحلة ما قبل الحماية : معروف أنه كانت تطبق مبادئ الشريعة الإسلامية إلى جانب الأعراف و العادات و كانت السلطة التي تطبق هاته القوانين هي البشاوات و القواد، و محاكم تطبق تسمى محاكم مخزينة قبل ان تظهر العصرية، و القانون الذي كان يطبق في إطارها هو الشرع الإسلامي و الأعراف ثم العادات هذا هو المرجع آنذاك .

مرحلة الحماية : كان التمييز بين المحاكم المخزينة و المحاكم العصرية و هذه الأخيرة كان ي حَاكم فيها فقط غير المغاربة هذا في بداية مرحلة الحماية و ظهرت نصوص جنائية و في ثلاث أنواع حسب الإنتماء الجغرافي، المغرب كمثال قسم إلى ثلاث انواع المنطقة الفرنسية، المنطقة الإسبانية ثم منطقة طنجة الدولية، فنجد بالمنطقة الفرنسية القانون يطبق عندها في المحاكم العصرية و على الأجانب فقط لا المغاربة و هوقانون سنة 1913 غشت 12 ، نفس الشيء بالنسبة للمنطقة الإسبانية و لكن القانون الذي يحكم الإسبان و الأجانب كان هو قانون 1 يونيو 1914 و أمام المحاكم الإسبانية و أما منطقة طنجة الدولية كان فيها قانون 15 يناير 1925. بالنسبة للمغاربة سواء في طنجة أو ما يحكمه الإسبان أو الفرنسيون لا زالوا على عهدهم يطبقون أحكام الشريعة الإسلامية في عهد الحماية و في القضايا الجنائية يلجأون إلى المحاكم المخزنية و غالبا ما تخضع للأهواء و يحكم الباشا و القاضي كيفما شاء و

ليس هناك تطبيق لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بالنص .

و بالنسبة لأول قانون احتكم إليه المغاربة و قانون وضعي فيه شكليات و حقوق و ضمانات، أول قانون شمل القانونين المسطرة الجنائية و القانون الجنائي سنة 24 غشت 1953 آنذاك وضع حد لتطبيق الأعراف و الشريعة الإسلامية و آنذاك لمس المغاربة بعض الحقوق و عدم التحكم في هذا المجال، مجال التجريم و العقاب .

مرحلة بعد الإستقلال : صدرت أول مسطرة جنائية سنة 10 فبراير 1959 ، و أيضا صدر القانون الجديد المعمول به الآن 26 نونبر  1962 و تأثر بمجموعة من المدارس و أهمها المدرسة التوفيقة حيث أعطى سلطات تقديرية في المجال الجنائي حيث حدد العقوبة بين حدها الأدنى و حدها الأقصى و اعتمد على حرية الإختيار، أيضا تأثر هذا بالمدرسة الوضعية من حيث التركيز على المجرم و ليس الجريمة من خلال اعتماد الإفراج الشرطي و نظام التدابير الوقائية، الإصلاحيات بالنسبة للأطفال.




المحاضرة الثانية  :









إعداد : طالب كلية الشريعة والقانون

أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .

ستجدون كل ما يتعلق بالمادة في هذا النطاق المخصص هنا

 تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي 
google-playkhamsatmostaqltradent