القضية الثانية : أسباب الارث
بعد أن عرفنا أن الحق الخامس المتعلق بتركة الميت هو
الارث , لابد أن نتبين السبب المؤدي إليه والسبب في الشرع مايلزم من أجل وجوده
الوجود ومن أجل عدمه العدم فهو المؤثر بطرفيه الوجود والعدم والمعنى أن نسأل عن
السبب الذي استحق به الوارث أن يكون وارثا وأن يكون له الحق في تركة ميت, والواقع
إلى معرفة هذا الموضوع أن نتصور شخصا توفي في مدينة الدار البيضاء وكل يتمنى أن
يرث منه , فالشرع لايقبل منهم إلا من أدلى بسبب مشروع للمطالبة بالإرث من ذلك
الميت.
وأسباب
التوارث بين الأحياء والأموات لاتعدو ثلاثة , وثالثها لاوجود له اليوم , لذلك نشير
إليه إشارة عابرة والأسباب هي : النسب
وعقد النكاح والولاء
السبب الأول :
النسب :
والمراد بالنسب ثبوت قرابة مخصوصة بين الميت والحي أي بين الوارث
والموروث وجهات النسب التي يكون بها الارث خمس وهي : الأبوة
والامومة والبنوة والاخوة والعمومة أي من جهة الآباء وإن علوْ وجهة الامهات وإن
علوْن ويدخل معهن أمهات الاب وجهة الابناء وإن سفلوا وجهة الاخوة الاشفاء أو لأب
أو لأم وأبناء الاخوة غير الاخوة لأم وإن سفلوا وجهة الأعمام الأشقاء أو
لأب وأبنائهم وإن بعد الأعمام وأبنائهم فكل من يرث بالنسب لايرث إلا إذا توصل إلى
الهالك بجهة من تلك الجهات.
والسبب
الثاني : عقد نكاح صحيح وإن لم يكن بين الزوجين وطء ولاخلوة فهما يتوارثان
والشرط المعتبر في النكاح الذي يكون به الإرث بعد حصول صحته باتفاق أو اختلاف هو اسلام الزوجين مع حريتهما والمعنى أن الزوجين الكافرين أو الكافر والمسلم لاتوارث
بينهما وكذلك لاتوارث بين عبدين أو عبد
وحر فمال العبد يكون لسيده ومال الحر يكون
لورثته الأحرار
والارث
بعقد النكاح لايصح ولايلزم إن كان في وقت المرض المخوف أو الملزم الفراش ويقصدون
به المرض الذي يؤدي إلى وفاة صاحبه غالبا, فلو تزوج مريض مرضا مخوفا , فإن زوجته
لاترثه معاملة له بنقيض قصده فالقصد الغالب عليه التضييق على الورثة بإدخال وارث
جديد يزاحمهم في الإرث وإن توفيت زوجته في حالة مرضه المخوف لايرثها على أحد قولين
السبب الثالث : الولاء وهو الإنعام بالعتق
لأنه شبيه بالنسب إذ السيد أخرج معتَقَه من الرق إلى الذي هو كالعدم إلى الحرية
التي هي كالوجود كما أخرج الأب الولد من نطفة من العدم إلى الوجود. فيحدث بينهما
بالاعتاق محبة تامة , واتصال تكون موجبة لمولاة بعضهم بعضا في دفع المضار وجلب
المنافع كما توجب القرابة ذلك.
للإرث أسباب ثلاثة نسب *** عقد نكاح وولاء مجتلب
جهاته أبــــوة أمومـــــــة *** بنوة أخوة عمــــــــومة
والشرط في النكاح بعد الصحة *** إسلام زوجين مع الحرية
تزوج المريض في حال المرض *** لايقتضي الإرث لقصد معترض
القضية
الثالثة : شروط الإرث
إن وجود سبب للإرث
لايقتضي التوارث دائما إلا أن يكون مع السبب شرط التوارث والشرط في الشرع مايلزم
من أجله عدمه العدم ولايلزم من أجل وجوده وجود ولاعدم فهو المؤثر بطرف العدم فقط وشروط
الإرث تلاثة :
1-
ثبوت تقدم موت الموروث على الوارث إذا
علمت حياتهما ثم ماتا معا
2-
تحقق حياة الوارث بعد موت الموروث
احترازا من الجنين الذي لم يستهل
3-
العلم بدرجة الوارث مع الموروث بأن
يثبت التقاؤهما في جد واحد احترازا من موت رجل من قريش مثلا ولم يعلم له قريب
فميراثه لبيت المال لأجل الشك لأنه لم يعرف الأقرب إليه منهم وكان كل قرشي ابن عمه
ولما لم تعلم درجته سقط ميراثه لفوات الشرط.
القضية
الرابعة : موانع الإرث
إن وجود سبب الإرث قد
يطرأ عليه مانع يجعله لايؤدي دوره في ثبوت الإرث فحصول قرابة خاصة بين الميت
وقريبه بإحدى الجهات المعلومة, قد لايستحق معها قريبه شيئا من تركته لوجود مانع
شرعي.
والمانع في الاصطلاح :
هو الذي يلزم من أجل وجوده العدم ولايلزم من أجل عدمه وجود ولاعدم فهو المؤثر بطرف
الوجود ( فالكفر مقلا إذا اتصف به ضخص فإنه يلزم من وجوده في ذلك الشخص عدم إرثه
لغيره لأنه مانع ), والموانع كما حددها الفقهاء سبعة قد جمعها بعضهم في :
عش لك رزق وهذا بيان تفصيلها :
-
المانع الأول : عدم استهلال الولد
أي عدم صراخه بعد
انفصاله عن أمه فلايورث المولود الذي لم يستهل صارخا قريبه الذي مات قبل وضعه
ولايورث عنه غير الدية الواجبة على قاتله بضربه في بطن أمه فإنها تورث عنه على
فرائض الله, فول افترضنا أن سيدة وضعت مولودها ولم يتكلم صارخا فمات فعدم استهلاله
دليل على موته
-
المانع الثاني :
الشك في السبب أو الشرط أو المانع ومثال الشك في السبب أن تثبت
بينة أن فلانا عمُّ للميت لكن لم يمكن سؤالها عن نوع العمومة فإن العم لايرث
لاحتمال أن يكون عما لأم وهو لا يرث, ومثله فلان ابن أخ للميت لكن لم نعرف حقيقة
هذه العلاقة فلا يرث لاحتمال كونه ابن أخ لأم ومثال الشك في الشرط ألا يعرف من
تقدم موته من الميتين اللذين يجمعهما سبب التوارث وهذا يقع كثيرا في الزلازل
وحالات الغرق وحوادث السير وانهيار المباني ,فإن مات فيها قريبان بينهما أخوة فلا
إرث بينهما لعدم إمكان معرفة من تقدم موته على الآخر , ومثال الشك في المانع أن لا يعرف هل القتل كان
عمدا أو خطأ فإن القاتل لايرث من مال المقتول ولا من ديته
-
المانع الثالث : اللعان الواقع بحلف الزوج على نفي نسب ولده إليه أو نفي الحمل منه , فلا إرث بينه وبين
الولد ولا إرث بينه وبين زوجه إن لاعنت بعد لعانه فإن ماتت وقد بقي عليها من
لعانها مرة واحدة ورثها زوجها وإن مات الزوج بعد التعانه قيل لها التعني فإن أبت ورثت وحدت حد الزنا وإن
العنت لم ترثه ,و أما الولد المنفي باللعان وأمه فإنهما يتوارثان .
-
المانع الرابع : الكفر أصليا كان أو بردة عن الإسلام فلا إرث بين مسلم وكافر ولابين كافر وكافر من ملتين
مختلفتين
-
المانع الخامس : الرق كاملا
كان أو ناقصا فلا إرث بين حر وعبد قِنِّ أو فيه طرف حرية كمُكاتب وأم ولد ومدبر
وموصا بعتقه
-
المانع السادس : الزنا فالحمل
من الزنا لا يرث الرجل الذي خلق من مائه , وهو لايرثه إلا أن أم حمل الزنا تتوارث
مع ابنها فهو يلحق بها
-
المانع السابع : قتل الظلم
الذي يكون بغير حق والقتل في الشريعة ثلاثة أنواع لكل نوع حكمه في الإرث :
-
الأول : القتل العدواني ويُسميه القانونيون مع سبق
الإصرار والترصد فهذا النوع يمنع الإرث مطلقا أي يمنع الإرث مما تركه الميت
المقتول ويمنع الإرث من الدية إن اختار الورثة الانتقال من القصاص إلى الدين.
-
الثاني : القتل بحق
كالقتل بإقامة حد أو كالقتل قصاصا وهذا النوع يقع به الإرث مطلقا ومن صوره أن
يتولى تنفيذ القصاص شخص جيئ بأخيه لتنفيذ الحكم عليه فقتله له وإن كان عمدا لايمنعه
من الارث
-
الثالث : القتل الخطأ
وهذا النوع ينقسم فيه مايورث إلى قسمين :
- الأول : ماتركه
الميت من أموال وممتلكات
- الثاني : الدية التي
يقدمها القاتل لورثة المقتول فالقاتل يرث من مال المقتول ولايرث من الدية وعلة
توريثه أنه لم يقصد إلى إزهاق روحه
إعداد : دة. هاجر جميل
أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .
تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي ﷺ