recent
آخر الأخبار

مناظرة حول " طهارة الكلب " بين الشافعية والمالكية

Medarts
الصفحة الرئيسية
تعد المناظرة  شكلا من أشكال الخطاب العام و هي عبارة عن مواجهة بلاغية بين متحدثين اثنين أو أكثر حول قضية معينة ضمن وقت محدد. وحسب التعاريف الواردة في القاموس بشكل عام، فإن المناظرة نقاش رسمي يدور حول قضية معينة ويتم في جلسة عامة تُقدَّم فيها حجج مُتَعارضة أو مُتصادمة، وغالباً ما تنتهي بتصويت من الجمهور أولجنة تحكيم حيث يُفْضي هذا التصويت إلى ترجيح كفَّة حجج أحد الطرفين.
وبناء على ذلك نستخلص أن المناظرة مسابقة رسمية تحكمها ضوابط معينة تقام في إطار محدد ويديرها حكم أو رئيس هيئة تحكيم. وقد تشمل المناظرة متحدثين أفراداً أو فِرقاً تضم عدة متحدثين، كما تخضع المناظرات لأصول وقواعد معينة حيث تعرض قضية المناظرة على الفريقين المتناظرين ويمنح كلا الفريقين وقتًا محددًّا لتقديم حججهم وإثباتاتهم. وبناءً على ما سبق فالمناظرات تجري في جوٍّ مُنظَّمٍ يقَدم فيها متحدِّثو كلا الفريقين حججهم والدفاع عنها.
وبعبارة أخرى فإن المناظرة تقتضي طرح قضية يَتناظر حولها فريقان مُتعارضان، ويُدْعى الفريقُ المؤيد للقضية فريقَ المُوالاة وهو من يؤيد القضية أو الموضوع الذي يُتناظر حوله ويَدْعَمه ويدافع عنه، أمَّا الفريق الذي يُعارض موضوع المناظرة ويُفَنِّد أطروحة فريق الموالاة وحججه فيُدْعى فريق المعارضة. وهكذا، فإن فريق الموالاة يحاول إثبات رأيه الذي يساند موضوع المناظرة بينما يحاول فريق المعارضة أن يُفنده وأن ينفيه. ومن الضروري أن يأخذ فريق الموالاة موقفاً واضحاً تُجاه الموضوع الذي تتناوله المناظرة.
بشكل عام تشيع المناظرات في البيئات الاجتماعية و السياسية والدينية والتعليمية، وتتفاوت أساليب التناظر بشكل واسع من حيث بنية القضية قيد التداول في المناظرة، والفترة الزمنية المخصصة لخُطَبِ المتحدثين، وطريقة تَسَلسُلِ الحجج التي يُقدِّمها كلا الفريقين.
وتختلف أساليب المناظرات والصيغ المُتَّبَعة فيها بشكل كبير من منظمة إلى أخرى ومن مسابقة إلى أخرى وعلى الرغم من هذه الاختلافات إلا أنه ثمة سمات عديدة تتقاسمها المناظرات المختلفة. فبالرغم من أن القضايا التي تُطْرح للنقاش في المناظرات قد تتناول مواضيع لا حصر لها، غير أن معظم هذه المناظرات تعالج قضايا مثيرة للجدل وتشُدُّ انتباه الجمهور وتجذب اهتمامه، كما يتيح البعض من المناظرات فرصة للجمهور للمشاركة والانخراط في مُجرياتها حيث يَتَسنَّى لمُتتبِّعي المناظرة طرحُ أسئلةٍ على المتناظرين للاستفسار عن بعض النقاط.وفي هذه التدوينة سنعرض نموذجا من المناظرات الممتعة بين شافعي و مالكي حول طهارة الكلب
قال الشافعي : الكلب نجس عندنا بدليل قوله عليه الصلاة و السلام " طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ " فإن لفظة "طهور" تستعمل إما عن الحدث أو عن الخبث، ولا حدث على الإناء بالضرورة، فتعين الخبث.
قال المالكي : لا نسلم لك أن التطهير لا يكون إلا من نجاسة او حدث بدليل قوله عليه الصلاة و السلام " السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ " و ما كان فم المسلم بنجس و ليس به حدث.
قال الشافعي : التطهير محمول على النجاسة لأن غسل الأواني معقول المعنى.
قال المالكي : لا نسلم لك أن الغسل هنا معقول المعنى لوجود العدد (7 مرات) و الأعداد من صفات العبادات فالغسل هنا تعبدي .
قال الشافعي : هو نجس لحديث مسلم قال رسول الله عليه الصلاة و السلام : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات" فلولا نجاسته لما أمر بإراقة ما ولغ فيه.
قال المالكي : لا نسلم لك بأن الإراقة تدل على النجاسة لحديث عبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ ، " فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا، وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ " رواه مسلم فأمر الرسول عليه الصلاة و السلام الصحابة بإراقة الماء و طرح العجين لكن لا قائل بنجاسة ماء آبار ثمود.
و كذلك قال تعالى : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فلم يأمر الله عز و جل بغسلم موضع الصيد الذي مسه الكلب.
قال الشافعي  : إنما هذا كلب صيد و كلب الصيد لا يمسك إلا الشعر و الجلد أما اللحم فلا.
قال المالكي : إنما الكلب كالهر فهو من الطوافين إذن هو طاهر.
قال الشافعي : الكلب ليس من الطوافين لأن الرسول عليه الصلاة و السلام منع اقتناءه فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ قال : ( مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً إِلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ ، أوْ صَيْدٍ ، أوْ زَرْعٍ ، انْتُقِصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ ) رواه مسلم
قال المالكي : الكلب سبع و سؤر السبع طاهر.
و جاء في سنن ابن ماجة ، أن النبي ، سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة ، تردها السباع ، والكلاب ، والحمر ، وعن الطهارة منها ؟ فقال " لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما غبر طهور "
قال الشافعي : لا نسلم لكم أن الكلب سبع.
و الحديث ضعيف فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال ابن الجوزي : أجمعوا على ضعفه وقال فيه الحاكم روى عن أبيه أحاديث موضوعة و قال أبو داود : أولاد زيد بن أسلم كلهم ضعيف ، وأمثلهم عبد الله و قال ابو زرعة ضعيف و قال النسائي ضعيف و قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : ذكر رجل لمالك حديثًا فقال : من حدثك ؟ فذكر إسنادًا له منقطعًا ، فقال : اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد ، يحدثك عن أبيه ، عن نوح !
قال المالكي :" كَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. ذكره البخاري في صحيحه معلقا .
قال الشافعي : بول الكلب نجس اجماعا. كما أن الأصل في الأرض الطهارة فمتى لم ندري هل اصاب ارض المسجد نجاسة الكلب او لا حكمنا باليقين و هو عدم وجود النجاسة ، ألا ترى أن الله جعل الأرض مسجدا و لم يكلف الناس البحث عن أثر الكلاب فيها.
و جاء في صحيح مسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، فَقَالَتْ مَيْمُونَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : " إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِي أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي "، قَالَ : فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَنَضَحَ مَكَانَهُ اهــ
فلولا نجاسة الكلب لما نضح الرسول عليه الصلاة و السلام مكانه. انتهى
فعل الرسول عليه الصلاة و السلام محمول على الندب فقد كان بإمكان المالكي أن يجيب على أن نضح الرسول عليه الصلاة و السلام لموضع الجرو محمول على الندب لأنه فعل، لكنه لو استدل بذلك لأعترض عليه الشافعي بأن فعل الرسول عليه الصلاة و السلام الذي يقصد به التقرب عند الإمام مالك و الكثير من المالكية محمول على الوجوب.

مناظرة حول " طهارة الكلب " بين الشافعية والمالكية



أخيراً كان هذا موضوعنا لهذه التدوينة، ننتظر مشاركتنا برأيك حول الموضوع وبإقتراحاتك لنستفيد منها في المواضيع القادمة وإذا كان لديك أي سؤال أو استفسار لا تتردد في طرحه علينا سوف نكون سعداء دائماً بالرد عليك في أقرب وقت إن شاء الله تعالى .

 تحياتي ومودتي ولاتنس الصلاة على النبي 
google-playkhamsatmostaqltradent